فتاوى السبكي (2/ 184)
( بَابُ الضَّمَانِ )
( مَسْأَلَةٌ ) رَجُلٌ
أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِشَخْصٍ ، وَكَتَبَ الشُّهُودُ فِي الْمَسْطُورِ ، وَحَضَرَ فُلَانٌ
، وَفُلَانٌ ، وَضَمِنَا فِي ذِمَّتِهِمَا مَا فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ
فَهَلْ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنَيْنِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ ، أَوْ لَا يُطَالَبُ
كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا بِالنِّصْفِ ؟
( الْجَوَابُ ) يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ
الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَثِيقَةٌ كَالرَّهْنِ ، وَالرَّهْنُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ
الدَّيْنِ فَكَذَلِكَ الضَّمَانُ ، وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ ، وَنَحْوِهِ حَيْثُ يُحْمَلُ
عَلَى التَّنْصِيفِ لِعَدَمِ إمْكَانِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُشْتَرِيًا لِلْجَمِيعِ
، أَوْ بَائِعًا لِلْجَمِيعِ وَلِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِمَا لَفْظٌ عَامٌّ فَيَعُمُّ
كُلَّ جُزْءٍ فَيَكُونَا ضَامِنَيْنِ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ ،
وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ
مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْجَمِيعِ ، وَلِأَنَّ حَقِيقَتَهُ نِسْبَةُ ضَمَانِ
ذَلِكَ إلَيْهِمَا
نَسَبْته لِكُلٍّ مِنْهُمَا ،
وَقَدْ نَقَلَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ
الْمَسْأَلَةَ فِي التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ فَقَالَ : رَجُلٌ لَهُ عَلَى
آخَرَ دَيْنٌ مَعْلُومٌ ، وَحَضَرَ رَجُلَانِ ، وَقَالَا : ضَمِنَّا مَالَك عَلَى فُلَانٍ
هَلْ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ أَمْ لَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِهِ كَمَا لَوْ قَالَا : اشْتَرَيْنَا
عَبْدَك بِأَلْفٍ ، وَالثَّانِي : وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُطَالَبُ
بِالْجَمِيعِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ فَقَالَا : رَهَنَّا الْعَبْدَ بِالْأَلْفِ
الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنًا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ
، وَيُخَالِفُ الشِّرَاءَ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمِلْكِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ
لَهُ مِنْ الْمِلْكِ يَجِبُ الثَّمَنُ ، وَهُنَا مَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ لَيْسَ بِطَرِيقِ
الْمُعَاوَضَةِ ؛ وَلِهَذَا لَوْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ صَحَّ
، وَطُولِبَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ انْتَهَى
الكتاب : فتاوى
السبكي
مصدر الكتاب :
موقع الإسلام
http://www.al-islam.com .