coinzilla-300115a0fe51e19012

Friday, August 29, 2008

بعض الضوابط التي تُبنى عليها أحكام هذه المعاملات

ثانياًَ : بعض الضوابط التي تُبنى عليها أحكام هذه المعاملات :

الضابط الأول : الأصل في المعاملات الحل :

وهذا ما عليه جماهير العلماء رحمهم الله تعالى ، بل حُكي الإجماع على ذلك ، لكن هذا الإجماع فيه نظر فإن المشهور عند الظاهرية أنهم يخالفون في ذلك

والدليل على هذا الضابط قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )[1] وهذا يتضمن الإيفاء بكل معاملة وبكل عقد سواء وجدت صورته ولفظه في عهد النَّبِيّ r أو لم توجد صورته ولفظه في عهده r . وكذلك قوله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)[2] . وهذا مطلق يشمل كل عقد ، وكذلك من الأدلة : الآيات التي جاءت بحصر المحرمات كقول الله عزَّ وجل : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ .. ) [3] الآية . فيؤخذ من هذا أنَّ ما عدا هذه المحرمات فالأصل فيه الإباحة . وكذلك قول الله عزَّ وجل : ( إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) [4] وقوله ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُم )[5] .

ومما يدل على ذلك من السنة ؛ حديث سعد مرفوعاًَ " إنَّ أعظم الناس جرماًَ من سئل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته " متفق عليه ، وهو يدل على أن الأصل في المعاملات والعقود الحل والصحة وعدم التحريم .

أما عند الظاهرية فالأصل في المعاملات التحريم ولا يباح منها إلا ما وجدت صورته في القرآن أو السنة وما عداه فهو محرم لا يجوز التعامل به ، واستدلوا على ذلك بنحو قول الله عزَّ وجل : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )[6] فقالوا : إن الله عزَّ وجل أكمل الدين فما عدا ما وجد في الكتاب والسنة فالأصل فيه التحريم لقول الله عزَّ وجل : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [7] .

واستدلوا أيضاًَ بقوله r في حديث عائشة : " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل " والجواب عن مثل هذه الأدلة سهل ؛ فالمراد بما جاء في حديث عائشة كل شرط ليس في حكم الله ولا في شرعه . والمعاملات التي استجدت فنقول : الأصل فيها الحل بحكم الله وشرعه ، كما تقدم في أدلة الجمهور .

وأما قوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [8] نقول : المراد بتعدي حدود الله هو تحريم الحلال أو إباحة الحرام .

وعلى هذا نقول في الضابط الأول : الأصل في المعاملات الحل وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وكما سلف أن بعض العلماء حكى الإجماع في ذلك .



( [1] المائدة : من الآية1

( [2] الاسراء : من الآية34

[3] ) الأنعام : من الآية145

[4] ) النساء : من الآية29

[5] ) الأنعام : من الآية119

[6] ) المائدة : من الآية3

[7] ) البقرة : من الآية229

[8] ) البقرة : من الآية229